Tuesday, February 25, 2014

عفوا أسماء !

كنت مولعا بالقراءة منذ الصغر ، قراءة كل شيئ و أى شيئ و كان مصير مصروفى من قروش قليلة هو شراء الكتب، المجلات و كذلك الصحف!
كنت اعشق ما يكتب عن التاريخ و السياسة و علاقات الدول و الحروب ... الخ
 و لأن طفل صغير مثلى لم يكن يتعد العاشرة لا يستطيع شراء كل الكتب و خاصة غالى الثمن منها فإنه كانت هناك حدود لأنواع الكتب التى كنت استطيع ان أقتنيها، و من الكتب و المجلات التى كنت أقتنيها تلك التى كانت مجلدة بأغلفة جميلة و كذلك طبعات أوراقها فاخرة، و كان معظمها يأتى من دول مثل روسيا، ألمانيا الشرقية بل و من كوريا الشمالية أيضاً! و لاعجب ان تلك الكتب كانت النواة الأولى لميلى إلى الأفكار الشيوعية و كرهى للرأسمالية و الإمبريالية العالمية

كنت لا زلت فى الثامنة من عمرى حين جاءت لزيارتنا إحدى صديقات جارة لنا ، لا زلت أتذكرها إمرأة نحيفة قوية الملامح يبدو على جبتها خطوط عميقة كأن الزمن حفرها عليها بعد أن ذاقت منه ما ذاقت و رأت منه ما رأت. و فى إحدى ساعات نهار هذا اليوم الذى يبدو أنها كان عليها أن تقضيه معنا فى بيتنا حيث استبدلت ملابسها بإحدى جلاليب أمى و جلست على الأريكة او ما كنا نطلق عليها 'كنبه' و أخذت تنظر إلى قبل ان تبدأ حديثها معى.
ما انفكت المرأة أن تتحدث حتى أدركت من كلماتها و لهجتها بأنها غير مصرية و بعد مرحلة ذوبان الجليد تبادلنا الحديث الذى سرعان ما تحول من التحية و التعريف بالنفس و الذى من خلاله عرفت أنها عراقية الجنسية و أنها متزوجة من مصرى، ثم و مع مرور الوقت استدعيت ما قرأته فى إحدى الكتب و دخلت معها فى نقاش عن الحرب العراقية الإيرانية، فى حديثى معها أخذتنى الحماسة فى مدح الإمام الخمينى قائد الثورة الإسلامية و تحديه لأمريكا قائدة الإمبريالية و الشيطان الأكبر، هكذا كان ما قرأته ، و أخذت المرأة تدافع بقوة بل و شراسة عن القائد البطل صدام حسين و عن العراق و كيف كان يدافع عن العروبة، و أشتدت وتيرة النقاش فتماديت و أنا الصبى الصغير فى مدح أية الله الامام الخمينى  و أنفعلت المرأة وصارت تسب فى السادات و فى سهير زكى أيضاً!! ثم سقطت المرأة مغشيا عليها قبل أن يأتى الجميع لمساعدتها و كذلك لومها أيضاً، هذا طفل صغير، أتنفعلين فى نقاش مع طفل؟
تذكرت تلك الحادثة عندما تناقشت، هذه المرة و فى عصر التكنولوجيا الحديثة على الواتس أب مع أسماء إبنة أختى الصغيرة و التى أخذت ترسل لى صور إلتقطتها من التلفاز لأغنية تسلم الأيادي و تبعث لى رسائل انا بأحب مصر بحب الجيش بحب السيسى بكره الإخوان الإرهابيين اللى قتلوا الضابط، طب يا أسماء انا كمان بأحب مصر و بحب جيشنا لكن انت عرفت إزاى إن الإخوان هم اللى قتلوا الضابط؟
سألتها، ردت الطفلة البريئة التلفزيون قال كدا، طب يا أسماء مش يمكن التلفزيون لا يقل الحقيقة؟ سألتها، ردت أسماء لا، دا تلفزيون مصر حبيبتى مش تلفزيون الجزيرة! 
لقد أخذ الأمر منى  سنوات طويلة قبل أن أرى وأسمع و على مرأى من كل العالم سقوط الإتحاد السوفيتي و تلاشى ألمانيا الشرقية و إنحدار الحال بكوريا الشمالية و قبل أن ترى السيدة الفاضلة و التى تستوجب إعتذارى لسوء أدبى معها سيد الأشاوس و حامى العرين العربي يذبح فى عيد الأضحى أمام شعبه
عزيزتى أسماء رعاك الله لتشب و تكبرين و ترين بنفسك التلفزيون المصرى كما رأيت من قبلك المجلات و الكتب زاهية الألوان رخيصة الثمن و المحتوى و كذلك لا أشك لحظة فى مصير السيسى مع الفارق بأنه لا يستو الأسد مع الحمار